هل الدولة
الإسلامية دولة ثيوقراطية؟!
كثر الحديث في الآونة الأخيرة و خاصة بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي و وصول التيار الإسلامي في العديد من الدول العربية و الإسلامية إلى سدة الحكم و التشريع , عما يسمى بالدولة المدنية و الدولة الدينية , و أثار العديد من المفكرين و أصحاب الرأي المحسوبين على بعض التيارات المثبطة و المتخلفة المخاوف من الحكم الإسلامي و ربطوه دائما بما يسمى بالدولة الدينية أو الدولة الثيوقراطية , فهل صحيح أن الدولة الإسلامية هي دولة دينية ثيوقراطية أم أنها العكس من ذلك تماما.
للإجابة على هذا التساؤل وجب أولا معرفة هل أن الدولة الإسلامية و التي أنشأت تلك الحضارة الإسلامية المنيرة المستنيرة نشأت بعد ظهور مفهوم الدولة الثيوقراطية أم أنها سابقة على هذا المفهوم؟
إن الدولة الثيوقراطية أو الدينية هي مفهوم أوربي غربي بحت عرف في القرون الوسطى إلى غاية القرن 18أين كانت سلطة الحاكم وسلطة التقنين والتشريع بيد الكنيسة، ممثلة في البابا والقساوسة ومَن يرضون عنه ويقرونه مِن الحكام مِن الأباطرة والقياصرة والملوك والأمراء، ومَن دار في فلكهم مِن الأمراء والنبلاء والإقطاعيين، فالحكم هنا مطلق، والتشريع حق للكنيسة، وللبابا قداسة وعصمة، بتفويض إلهي!
ومن تقره الكنيسة مِن الحكام فله الحكم المطلق أيضًا مؤيد بتوفيق مِن الرب وإلهام، كما كانوا يعتقدون.. !
وعامة الشعب لا يتمتعون بكثير مِن الحريات؛ فهم منقادون مقلدون "رجال الكنيسة"، خاضعون لحكامهم، لا يَسلمون مِن تعدي أصحاب النفوذ عليهم، واستبدادهم بهم.
إن هذا المفهوم الذي يحاول بعض الجهال إسقاطه على الدولة الإسلامية حين كان سائدا في أوربا و كان ينال منها نيلا و يغرقها في ظلمات ما بعدها ظلمات كانت الدولة الإسلامية التي نشأت قبل هذا المفهوم بقرون تعيش في نور العلم و الازدهار و كان الأوربيون يحسدونها بل أنهم استمدوا سبل نهضتهم من الحضارة التي كانت تعيشها الدولة الإسلامية و التاريخ شاهد على ذلك , فالدولة الإسلامية إذن نشأت قبل هذا المفهوم و كانت ندا و ضدا للدولة الثيوقراطية فلو كانت الدولة الإسلامية دولة ثيوقراطية لعاشت الظلام الذي عاشته أوروبا.
إن الإسلام و على عكس ما يصوره المغرضون يحارب نظريات الدولة الثيوقراطية فالإسلام لا يضفي القداسة و العصمة على البشر عدا الأنبياء و الرسل بل أنه يعتبر ذلك من قبيل الشرك و الكفر بالله عز وجل كما أنه يعطي حرية للإنسان في التعبير و التفكير بل أنه يأمر بذلك خاصة إذا كان التعبير و التفكير في خير البلاد و العباد فالمسلم أمر بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أمر بالتفكر و التدبر , إن الدولة الإسلامية تقوم على هذه المبادئ كما تقوم على مبدأ الشورى الذي يعد من أعظم المبادئ عكس الدولة الثيوقراطية التي تعطي العصمة و القداسة للحاكم و قراراته , كما تعطي الدولة الإسلامية الحرية السياسية للأفراد باختيار حاكمهم عن طريق أهل الحل و العقد و الذي يعد نظاما غاية في الروعة لا يتسع المقام للحديث عن مميزاته و يعطي لهم الحق في محاسبة هذا الحاكم و أول من أرسى هذا المبدأ هو الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي قال مقولة شهيرة عند تقلده منصبه" أما بعد أيها الناس ، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ؛ وإن أسأت فقوموني ؛ الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله ، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله ، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء ؛ أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم" .أما الحرية فالإنسان حر في الدولة الإسلامية ما دام لم يتعد حرية غيره و عمر بن الخطاب خير من يرسي هذا المبدأ بقوله : متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرار.
إذن فالدولة الإسلامية دولة مدنية تستمد قوانينها من الشرع الإسلامي الذي لا يمكن أن يختلف اثنان في عدله و لا يمكن أن ينتقد أحد الدولة الإسلامية باستمدادها لقوانينها من شرع الله و يأخذ عليها عدم استمدادها لهذه القوانين من شرع عباد الله إن ذلك هو السفه بذاته , ضف إلى ذلك أن الشريعة الغراء من بين أهم مصادر التشريع فيها القياس و الاجتهاد فمع وجوب الأخذ في التشريع بالنصوص القطعية أتاح الإسلام المجال واسعا للاجتهاد في الأمور الأخرى و هو ما يدل على حكمة عظيمة.
و يكفي أن نقول في الأخير أن العديد من القوانين و المبادئ الدولية و الداخلية للكثير من الدول مستمدة من تعاليم الإسلام علموا ذلك أم جهلوه.فالدولة الإسلامية دولة مدنية تستمد قوانينها من شريعة الله العادلة فكفى يا دعاة التغريب و التجهيل.
الأستاذ وليد رحموني
كثر الحديث في الآونة الأخيرة و خاصة بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي و وصول التيار الإسلامي في العديد من الدول العربية و الإسلامية إلى سدة الحكم و التشريع , عما يسمى بالدولة المدنية و الدولة الدينية , و أثار العديد من المفكرين و أصحاب الرأي المحسوبين على بعض التيارات المثبطة و المتخلفة المخاوف من الحكم الإسلامي و ربطوه دائما بما يسمى بالدولة الدينية أو الدولة الثيوقراطية , فهل صحيح أن الدولة الإسلامية هي دولة دينية ثيوقراطية أم أنها العكس من ذلك تماما.
للإجابة على هذا التساؤل وجب أولا معرفة هل أن الدولة الإسلامية و التي أنشأت تلك الحضارة الإسلامية المنيرة المستنيرة نشأت بعد ظهور مفهوم الدولة الثيوقراطية أم أنها سابقة على هذا المفهوم؟
إن الدولة الثيوقراطية أو الدينية هي مفهوم أوربي غربي بحت عرف في القرون الوسطى إلى غاية القرن 18أين كانت سلطة الحاكم وسلطة التقنين والتشريع بيد الكنيسة، ممثلة في البابا والقساوسة ومَن يرضون عنه ويقرونه مِن الحكام مِن الأباطرة والقياصرة والملوك والأمراء، ومَن دار في فلكهم مِن الأمراء والنبلاء والإقطاعيين، فالحكم هنا مطلق، والتشريع حق للكنيسة، وللبابا قداسة وعصمة، بتفويض إلهي!
ومن تقره الكنيسة مِن الحكام فله الحكم المطلق أيضًا مؤيد بتوفيق مِن الرب وإلهام، كما كانوا يعتقدون.. !
وعامة الشعب لا يتمتعون بكثير مِن الحريات؛ فهم منقادون مقلدون "رجال الكنيسة"، خاضعون لحكامهم، لا يَسلمون مِن تعدي أصحاب النفوذ عليهم، واستبدادهم بهم.
إن هذا المفهوم الذي يحاول بعض الجهال إسقاطه على الدولة الإسلامية حين كان سائدا في أوربا و كان ينال منها نيلا و يغرقها في ظلمات ما بعدها ظلمات كانت الدولة الإسلامية التي نشأت قبل هذا المفهوم بقرون تعيش في نور العلم و الازدهار و كان الأوربيون يحسدونها بل أنهم استمدوا سبل نهضتهم من الحضارة التي كانت تعيشها الدولة الإسلامية و التاريخ شاهد على ذلك , فالدولة الإسلامية إذن نشأت قبل هذا المفهوم و كانت ندا و ضدا للدولة الثيوقراطية فلو كانت الدولة الإسلامية دولة ثيوقراطية لعاشت الظلام الذي عاشته أوروبا.
إن الإسلام و على عكس ما يصوره المغرضون يحارب نظريات الدولة الثيوقراطية فالإسلام لا يضفي القداسة و العصمة على البشر عدا الأنبياء و الرسل بل أنه يعتبر ذلك من قبيل الشرك و الكفر بالله عز وجل كما أنه يعطي حرية للإنسان في التعبير و التفكير بل أنه يأمر بذلك خاصة إذا كان التعبير و التفكير في خير البلاد و العباد فالمسلم أمر بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أمر بالتفكر و التدبر , إن الدولة الإسلامية تقوم على هذه المبادئ كما تقوم على مبدأ الشورى الذي يعد من أعظم المبادئ عكس الدولة الثيوقراطية التي تعطي العصمة و القداسة للحاكم و قراراته , كما تعطي الدولة الإسلامية الحرية السياسية للأفراد باختيار حاكمهم عن طريق أهل الحل و العقد و الذي يعد نظاما غاية في الروعة لا يتسع المقام للحديث عن مميزاته و يعطي لهم الحق في محاسبة هذا الحاكم و أول من أرسى هذا المبدأ هو الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي قال مقولة شهيرة عند تقلده منصبه" أما بعد أيها الناس ، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ؛ وإن أسأت فقوموني ؛ الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله ، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله ، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء ؛ أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم" .أما الحرية فالإنسان حر في الدولة الإسلامية ما دام لم يتعد حرية غيره و عمر بن الخطاب خير من يرسي هذا المبدأ بقوله : متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرار.
إذن فالدولة الإسلامية دولة مدنية تستمد قوانينها من الشرع الإسلامي الذي لا يمكن أن يختلف اثنان في عدله و لا يمكن أن ينتقد أحد الدولة الإسلامية باستمدادها لقوانينها من شرع الله و يأخذ عليها عدم استمدادها لهذه القوانين من شرع عباد الله إن ذلك هو السفه بذاته , ضف إلى ذلك أن الشريعة الغراء من بين أهم مصادر التشريع فيها القياس و الاجتهاد فمع وجوب الأخذ في التشريع بالنصوص القطعية أتاح الإسلام المجال واسعا للاجتهاد في الأمور الأخرى و هو ما يدل على حكمة عظيمة.
و يكفي أن نقول في الأخير أن العديد من القوانين و المبادئ الدولية و الداخلية للكثير من الدول مستمدة من تعاليم الإسلام علموا ذلك أم جهلوه.فالدولة الإسلامية دولة مدنية تستمد قوانينها من شريعة الله العادلة فكفى يا دعاة التغريب و التجهيل.
الأستاذ وليد رحموني